السبت، 12 نوفمبر 2011

امراض مزمنه


تعتبر الأمراض المزمنة السبب الرئيسي للوفاة على مستوى العالم، ولا يزال تأثيرها على صحة سكان العالم في ازدياد. إذ يموت ما يقارب 17 مليون إنسان حول العالم كل عام نتيجة للأمراض المزمنة.
 
 في السابق، كانت المجتمعات الثرية والمتحضرة هي الأكثر تعرضاً للمخاطر المتعلقة بارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكولسترول في الدم واستعمال التبغ والاستهلاك المفرط للمشروبات الكحولية وانتشار البدانة ونمط الحياة المعتمد على قلة الحركة والنشاط البدني. ولكن هذه المخاطر والأمراض المرتبطة بها آخذة بالانتشار في البلدان ذات الدخل المتوسط أو المنخفض،

 ولم تعد تقتصر على البلدان الثرية كما كان يسود الاعتقاد في السابق. بل والأكثر من ذلك أنها تسبب للبلدان النامية عبئاً مضاعفاً يضاف إلى عبء الأمراض المعدية التي لا تزال تؤثر بشدة على البلدان الأكثر فقراً في العالم.
يمكن لواحد أو أكثر من عوامل المخاطرة الواردة أعلاه أن يساهم في الإصابة بأي من الأمراض المزمنة، والتي تضم السكري وأمراض القلب والأوعية (بما فيها ارتفاع الضغط والجلطات) والسرطانات وأمراض الرئة المزمنة. ويعتبر الانتشار المتزايد لهذه الأمراض مسؤولاً عن حوالي 60% من الوفيات في العالم (31.7 مليون وفاة) وعن 43% من حالات الإصابة بالمرض في العالم. ويبلغ نصيب البلدان ذات الدخل المتوسط أو المنخفض 77% من مجموع الوفيات و85% من مجموع الحالات المرضية المرتبطة بالأمراض المزمنة. إن معدلات الوفاة والمراضة هذه آخذة بالتزايد على مستوى العالم مع ما تحمله من مخاطر كامنة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمختلف شعوب العالم، إلى جانب ما تسببه من إعاقات ووفيات لملايين البشر. من الواضح أن تزايد تأثير هذه الأمراض مرتبط بالتغير الحاصل على أنماط التغذية العالمية وتزايد استهلاك الأطعمة المصنعة ذات المحتوى العالي من الدهون والملح والسكر. وقد أشارت وزارة الصحة الفلسطينية في تقريرها السنوي للعام 2003 إلى أنها تعتبر أن الأمراض المزمنة الناتجة عن التغذية والعادات الغذائية غير الصحية لم تعد تقل خطورة عن الأمراض الناتجة عن نقص التغذية.
وضع الأمراض المزمنة في فلسطين:
تمر فلسطين بمرحلة انتقالية من ناحية وبائية الأمراض المنتشرة، وكذلك من ناحية أنماط استهلاك الغذاء، مما يصاحب بتفاقم تأثير الأمراض المزمنة على المجتمع الفلسطيني، وخاصة السكري وارتفاع الضغط وأمراض القلب والأوعية والسرطان وغيرها. هذا في الوقت الذي لا تزال تتواصل فيه المعاناة التقليدية من الأمراض المعدية والمشكلات البيئية.
إن عوامل المخاطرة المتصلة بالأمراض المزمنة شائعة الانتشار في المجتمع الفلسطيني. فاستهلاك التبغ يعتبر من أعلى النسب في العالم، وكذلك ينتشر استهلاك الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والسكريات البسيطة، إلى جانب انخفاض استهلاك الأطعمة الغنية بالألياف والحبوب الكاملة والنشويات المركبة.
ثمة شواهد على ارتفاع معدلات انتشار بعض الأمراض المزمنة في فلسطين. فمعدل انتشار السكري من النوع الثاني يقدر بحوالي 10%. وفي ظل غياب أية بيانات مفصلة وموثوقة عن مدى انتشار الأمراض المزمنة وعوامل المخاطرة بالإصابة بها في فلسطين، فإن البيانات التي جمعتها الإغاثة الطبية من خلال خدماتها تعكس واقعاً مرعباً لمدى انتشار هذه الأمراض. جاءت هذه البيانات نتيجة خمسة أعوام من العمل في منطقة رام الله (وفي القرى بشكل أساسي)، حيث قام فريق تابع لبرنامج للوقاية من الأمراض المزمنة بجمع بيانات حول هذه الأمراض وعوامل المخاطرة المتعلقة بها. تردد على هذه الخدمة الأشخاص فوق سن 35 عاماً بشكل طوعي وتم فحص السكر في الدم لديهم، إلى جانب مستوى الدهنيات وضغط الدم والوزن والطول وغيرها من عوامل المخاطرة. وبعد جمع بيانات عن حوالي 6000 شخص وتحليلها (شكل الرجال 69% من المجموع والنساء 31%)، أشارت البيانات إلى وجود ارتفاع الضغط لدى 27% منهم والسكري من النوع الثاني لدى 18% منهم، فيما ظهر اضطراب مستوى الدهنيات لدى 40%.
كما أن الأمراض المزمنة تمثل السبب الرئيسي للوفيات بين البالغين في المجتمع الفلسطيني. فتقرير وزارة الصحة لعام 2001 يشير إلى أن السكري والسرطانات وأمراض القلب والأوعية، بما فيها ارتفاع الضغط والجلطات، تساهم في أكثر من 50% من أسباب الوفيات في أوساط البالغين. وإذا ما أخذنا في الاعتبار الوضع الراهن للخدمات الصحية وارتفاع مستويات الفقر، فيصبح من الواضح لنا كم هو ملح أن يولى اهتمام خاص بالإعاقات الناتجة عن الأمراض المزمنة.
برنامج الأمراض المزمنة في الإغاثة الطبية:
أنشأت الإغاثة الطبية هذا البرنامج عام 1999 استجابة للحاجة المتزايدة لمكافحة الأمراض المزمنة. يركز البرنامج على الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة وتحسين الممارسات المتبعة في التعامل معها. وقد تم في عام 2000، وبدعم سخي من الحكومة النمساوية، إنشاء مركز استطلاعي يتبع نهجاً تكاملياً في التعامل مع الأمراض المزمنة. وفي عام 2005، دعمت الحكومة النمساوية مرحلة جديدة في عمل مركز وبرنامج الأمراض المزمنة. وتمثل هذه المرحلة امتداداً للإنجازات التي سبق تحقيقها في الأعوام الخمسة السابقة، حيث سيتم توسيع خدمات تدبير الأمراض المزمنة لتشمل مراكز جديدة للرعاية الصحية الأولية. وقد رأى فريق التقييم النمساوي الذي قيم البرنامج في عام 2004 أن الإغاثة الطبية قد نجحت إلى حد كبير في بناء نموذج صحي للوقاية من الأمراض المزمنة يمكن أن يتم تنفيذه ودمجه في كل مراكز الرعاية الصحية الأولية بسهولة.
يعمل البرنامج في عدد من مراكز الرعاية الصحية الأولية التابعة للإغاثة الطبية ومن خلال عيادات متنقلة تصل إلى القرى النائية، إلى جانب مركز الأمراض المزمنة القائم في رام الله. وتتضمن مكونات البرنامج الرئيسية ما يلي: فحوص التقصي عن أمراض القلب والأوعية وارتفاع الضغط والسكري وسرطان الثدي، والتثقيف الصحي حول عوامل المخاطرة والوقاية، والترويج لأنماط الحياة الصحية، وجمع البيانات، وتحويل الحالات بهدف متابعتها. وقد أثبتت العيادات المتنقلة التي يديرها البرنامج أهميتها الخاصة في هذا الوقت بالتحديد، حيث لا يستطيع العديد من السكان الوصول إلى المراكز الطبية بسبب الإغلاقات وحظر التجوال.
نتائج فحوص التقصي في الفترة بين 2000-2004 (10.590 شخصاً)
الأمراض/عوامل المخاطرة نسبة الانتشار
زيادة الوزن (مؤشر كتلة الجسم يساوي أو أعلى من 25) 78%
البدانة (مؤشر كتلة الجسم يساوي أو أعلى من 30) 41%
ارتفاع الضغط (ضغط الدم يساوي أو أعلى من 140/90) 31%
السكري (سكر الدم صائماً يساوي أو أعلى من 125 مغم/ديسلتر) واضطراب السكر صائماً (سكر الدم صائماً بين 111-125 مغم/ديسلتر) 18%
اضطراب مستوى الدهنيات (الكولسترول الكلي أعلى من 200 و/أو الدهنيات الثلاثية أعلى من 200 و/أو الكولسترول العالي الكثافة أقل من 40 مغم/ديسلتر) 49%
يقدم البرنامج خدماته من خلال:
• العيادة المتنقلة التي تركز على الفحص والكشف المبكر عن الأمراض المزمنة وعن عوامل المخاطرة. تعمل في منطقة رام الله وتساهم في إيصال الخدمات إلى القرى والمواقع المحرومة والنائية أو تلك التي تعيش في ظل ظروف صعبة من إغلاقات وحظر تجوال.
• مركز الأمراض المزمنة في رام الله، والذي يعمل على تكييف النهج الشمولي في تدبير الأمراض المزمنة.
• التعامل مع الأمراض المزمنة في مراكز الرعاية الصحية الأولية التابعة للإغاثة الطبية في مختلف مناطق الضفة الغربية، مع أمل التوسع في هذه الخدمة لتشمل قطاع غزة أيضاً.
وقد بلغ عدد زيارات المستفيدين من خدمات البرنامج إلى مراكز الرعاية الصحية الأولية 7000 زيارة من كلا الجنسين. كما وبدأ البرنامج بتطبيق خطة لتحسين السيطرة على السكري في ثلاثة مواقع، هي إذنا وعابود وسنجل. ضمن هذه الخطة، تتم متابعة 400 مريض في هذه العيادات الثلاث، ويجرى لهن فحص السكر مجاناً، كما تتم متابعة الحالات بالاعتماد على المشاركة المجتمعية في خطة تدبير الحالات.
 ووفقاً لذلك، تم تشكيل مجموعات من المرضى وأهاليهم وأفراد مجتمعاتهم للعمل بشكل مشترك على تحسين الوعي والسيطرة على المرض لدى هؤلاء المرضى. ومع أن الوقت ما زال مبكراً للحكم على هذه التجربة، إلا أن نتائج الفحوص بعد ثلاثة أشهر وستة أشهر تشير إلى تحسن في وضع المرضى بالمقارنة مع نتائج الفحوص الأولية.
 

مركز الأمراض المزمنة:
يعتبر المركز أحد المراكز الصحية الأفضل تجهيزاً في منطقة رام الله وتتوفر له القدرة الفنية للعمل كمركز تحويل لمرضى الأمراض المزمنة. يتمحور عمل المركز على الوقاية والكشف المبكر والتدبير السليم للأمراض المزمنة.
يتمتع أعضاء طاقم المركز بالكفاءة العلمية والخبرة العامة التي يتطلبها البرنامج. وقد حصلوا على التدريب اللازم لأدائهم لعملهم، كما أنهم يحافظون على اتصال أكاديمي بمعهد الصحة العامة والمجتمعية في جامعة بيرزيت.
الاستراتيجية:
 
 الهدف العام للبرنامج: المساهمة في تخفيض العبء الاقتصادي والاجتماعي للأمراض المزمنة على المجتمع الفلسطيني.
الغاية من البرنامج: تطوير قدرات 60 عيادة للرعاية الصحية الأولية في مجال الوقاية من الأمراض المزمنة والكشف المبكر عنها وتدبيرها بحيث تصبح نموذجاً في التعامل السليم مع الأمراض المزمنة في فلسطين.

مخرجات البرنامج:
1. تطوير قدرات 60 طبيباً وطبيبة و120 ممرضة وعاملة صحية في 60 عيادة (تشمل مراكز للرعاية الصحية الأولية تابعة لوزارة الصحة ومؤسسات أهلية أخرى) بما يساعد على تحسين التعامل مع الأمراض المزمنة من خلال نهج شمولي وتقديم الإرشاد اللازم لمرضى الأمراض المزمنة.
2. بناء نظام لتحويل المرضى إلى مركز الأمراض المزمنة.
3. رفع مستوى الوعي المجتمعي حول الأمراض المزمنة في 60 موقعاً من خلال أربع حملات واسعة النطاق.
4. إدخال برامج تدبير الأمراض المزمنة في سياسات واستراتجيات الجهات الرئيسية ذات الشأن (الأطراف الأخرى المقدمة للرعاية الصحية) بشكل واضح وصريح.
وصف البرنامج:
سيسعى البرنامج للبناء على الإنجازات التي سبق تحقيقها في الفترة 2000-2004 من خلال عمل الإغاثة الطبية على تنفيذ المرحلة السابقة من البرنامج. فخلال تلك الفترة، نجحت الإغاثة الطبية في بناء نموذج للوقاية من الأمراض المزمنة ولتقديم الرعاية للفئات المستهدفة. كما نجحت الإغاثة في البناء على خبرتها الغنية في العمل مع سكان الريف والحضر باستخدام نهج شمولي يجمع بين الخدمات الوقائية والعلاجية على المستويين الأولي والثانوي وتعزيز أنماط الحياة الصحية، مع مراعاة ظروف الضغط النفسي المتواصل التي يسببها الوضع السياسي الطارئ والاعتبارات الثقافية الخاصة بالمجتمع الفلسطيني.
مكونات المرحلة الثانية للبرنامج:
تتكون استراتيجية البرنامج من ثلاثة مكونات رئيسية تساهم بشكل مشترك في بناء قدرات مراكز الرعاية الصحية الأولية على التعامل مع الأمراض المزمنة.
يركز المكون الأول للبرنامج على بناء القدرات الفنية واللوجستية في 60 عيادة على مدى ثلاثة أعوام. يتضمن ذلك تقديم الدعم والتدريب للأطباء والممرضات والعاملات الصحيات حول أفضل الممارسات في التعامل مع الأمراض المزمنة. بالإضافة إلى ذلك، سيساهم البرنامج في تزويد العيادات المستهدفة بالمعدات والتجهيزات والأدلة والمراجع الطبية حول الوقاية والكشف المبكر عن الأمراض المزمنة.
 
كما سيعد البرنامج نظام تحويل للحالات التي لا يمكن التعامل معها على مستوى العيادات المستهدفة، بحيث يتم تحويلها إلى مركز الأمراض المزمنة في رام الله. ومن الجدير ذكره أن البرنامج قد طور نظاماً محوسباً لمعلومات الإدارة بهدف تحسين التواصل والتبليغ وجمع البيانات بخصوص تدبير الأمراض المزمنة. 

يشمل المكون الثاني أنشطة تهدف إلى رفع مستوى الوعي المجتمعي بخصوص التدبير المنزلي للأمراض المزمنة. ويتم تنفيذ هذه الأنشطة في موازاة مع أنشطة بناء القدرات لضمان التنسيق والتكامل في الجهود الرامية إلى تحقيق الهدف العام للبرنامج.
أما المكون الثالث فيهدف إلى تحسين مستوى التنسيق بين الجهات المقدمة للرعاية الصحية في فلسطين بما يساهم في تحسين التعامل مع الأمراض المزمنة. يهدف هذا التنسيق في الأساس إلى تيسير نقل المعرفة التي راكمتها الإغاثة الطبية خلال الأعوام الخمسة السابقة في مجال تدبير الأمراض المزمنة بحيث تستفيد منها مرافق الرعاية الصحية الأولية التي تديرها المؤسسات الصحية الوطنية الأخرى. وسيتم تنسيق هذا المكون مع الأنشطة الموجهة إلى بناء القدرات.
أمراض القلب عند الأطفال (أمراض القلب الخلقية):
يقدر أن طفلاً واحداً من بين كل 1000 طفل يولدون أحياءً يعاني من مرض خلقي في القلب. وعلى الرغم من حجم هذه المشكلة الصحية وما تسببه من معاناة، إلا أنه لا توجد في فلسطين سياسة محددة للتعامل معها.
وقد سعى برنامجنا للتعامل مع هذه المسألة منذ العام 2002 بهدف التخفيف من معاناة الأطفال المرضى وعائلاتهم، وذلك من خلال استقدام أخصائي زائر وإرسال بعض الأطفال للعلاج في الخارج.
فقد تم منذ بداية هذا العام تنظيم عيادة اختصاص شهرية لخدمة هؤلاء المرضى تقدم خدمات الكشف المبكر عن أمراض القلب الخلقية وتشخيصها والمساعدة في توفير فرص العلاج الجراحي وتوفير آليات المتابعة. ولتحقيق هذه الغاية، يقوم طبيب فلسطيني من مدينة الناصرة مختص بأمراض القلب عند الأطفال بزيارة المركز في رام الله للكشف على هؤلاء الأطفال. 
 

 لقد ساهمت هذه الخدمة في تقليل العبء عن كاهل أسر هؤلاء الأطفال ووفرت عليهم مشقة السفر إلى الناصرة من أجل الكشف عند هذا الطبيب المختص. يقوم هذا الطبيب بالكشف على 10 إلى 14 طفلاً في كل زيارة. كما يتم تقديم الخدمات اللازمة إلى عدد إضافي من المرضى من خلال عيادة أمراض القلب التي يديرها المركز ضمن خدماته الاعتيادية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق