الأربعاء، 2 نوفمبر 2011

كتاب الشيطان

كتاب الشيطان








في عام 2007 أعادت المكتبة الوطنية في السويد كتاباً ضخماً للغاية يضم مجموعة من المخطوطات التاريخية إلى مكانها الأصلي في المكتبة الوطنية لمدينة براغ عاصمة دولة التشيك حيث تعرض هناك. يعرف هذا الكتاب بكتاب الشيطان Devil's Bible نظراً لاحتوائه على تصوير للشيطان في داخله وللأسطورة التي تحيط بكتابته ، عاد ذلك الكتاب إلى مكانه الأصلي بعد مرور 359 سنة وبعد سنوات من المفاوضات التي جرت بين دبلوماسيين من كلا البلدين، كتبت تلك المخطوطات في أوائل القرن الثالث عشر أي في حقبة العصور الوسطى وذلك في دير بنيديكتين في بودلازيس في مقاطعة بوهيميا، لا تزال تعتبر تلك المخطوطات أعجوبة العالم وأضخم عمل من نوعه في العصور الوسطى وقد أخذته القوات السويدية من قلعة براغ في عام 1648.

مخطوطة خطها "الشيطان" !
تقول الأسطورة أن تلك المخطوطة كتبت بمساعدة الشيطان والتي تعرف بـ مخطوطات جيجاس Codex Gigas (تعني بالإنجليزية Giant Book أو الكتاب الضخم).ووفقاً للأسطورة فأن الذي خطها هو راهب نقض عهد الدير عليه فحوكم وقضت العقوبة بأن يعلق جسده على الحائط وهو حي، فطلب التماساً بهدف أن لا تقع عليه تلك العقوبة القاسية بأن وعد بكتابة كتاب في ليلة واحدة فقط لتمجيد الدير للأبد يتضمن كل معارف الإنسان وعندما اقترب منتصف الليل بات متأكداً أنه لن يكون باستطاعته إتمام هذه المهمة الضخمة لوحده فأدى صلاة خاصة لم تكن موجهة إلى الله ولكن للشيطان(الذي عرف أيضاً بالملاك الساقط من السماء في المعتقد المسيحي) لكي يساعده في إنهاء الكتاب مقابل أن يبيع نفسه للشيطان ولما انتهى الكتاب أضاف ذلك الراهب صفحة فيه تصور الشيطان كعرفان منه للجميل الذي أسداه له. ولحد الآن لا يعرف أصل تلك الأسطورة ولكن الذي يشاهد حجم تلك المخطوطة يذهل بحجمها وقد يظن أنها من عمل خارق للطبيعة، والغريب أنه بالرغم من انتشار تلك الإسطورة إلا أن الكنيسة آنذاك لم تحرم تداول تلك المخطوطات بين التلامذة ، حينها كانت الكنيسة تتحكم بالأمور في أوروبا وتعاقب من يلحد أو يتعامل بالسحر حرقاً على الأعواد أو تعذيباً حتى الموت عبر محاكم التفتيش.





تتألف المخطوطة من خمسة أقسام نصية طويلة من بينها الكتاب المقدس Bible بعهديه القديم والجديد، تبدأ المخطوطات بالعهد القديم يتبعها عملين تاريخيين لـ فلافيوس جوزيفوس الذي عاش في القرن الأول الميلادي يتكلم فيها عن الحرب اليهودية وبعض القصص القديمة، يتبعه الموسوعة الأكثر شعبية في العصور الوسطى وهي من عمل إيزيدور الذي عاش في القرن السادس في إسبانيا. ويتبع ذلك مجموعة من الأعمال الطبية وبعدها العهد الجديد من الكتاب المقدس، وآخر الأعمال يتضمن سرد تاريخي لمقاطعة بوهيميا كتبه كوسماس من براغ (من 1045 حتى 1125 ميلادية) وهو أول تأريخ لـ بوهيميا. كما يوجد نصوص قصيرة في المخطوطة منها عمل عن الغفران ويقع قبل صفحة تصور مدينة السماوات Heavenly City ، والعمل الآخر يقع بعد صفحة تصور الشيطان وتتحدث عن أساليب مكافحة المس الشيطاني أو طرد الأرواح الشريرة ، أما آخر عمل قصير فهو لائحة بأسماء القديسين وبتواريخ الاحتفال بذكراهم من قبل السكان المحليين في بوهيميا (دولة التشيك حالياً).ويوجد أيضاً عمل مفقود تم إقتطاعه من الكتاب الضخم وعملاً يتناول دور القديس بنديكت وهو بمثابة كتاب إرشادي عن الحياة في الدير كتب في القرن السادس. يعتبر الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد في تلك المخطوطة الجزء الأهم بالنسبة للإيمان المسيحي أما النصوص الأخرى الإضافية فقد اختيرت بعناية لأنها تضم معلومات عن التاريخ اليهودي (أعمال جوزيفوس)والمعرفة الشاملة (أعمال إيزيدور)، والطب والتاريخ المحلي (أعمال كوسماس).والمخطوطة تتألف من 310 ورقة من النوع الفاخر ، ربما كانت مصنوعة من جلد العجل، يبلغ عرض الاوراق 49 سنتمتر وطولها 89 سنتمتر.

لحد الآن لا يعرف أصل تلك المخطوطة ولكن ملحوظة مكتوبة توضح أنها وضعت من رهبان بودلازيس وهم اصحاب دير في بلدة سيدليك في عام 1295 وثم نقلت إلى دير بريفنوف بالقرب من مدينهة براغ.جميع تلك الأديرة كانت موجودة في بوهيميا.لكن من المؤكد أن تلك المخطوطة ظهرت في مكان ما من بوهيميا وربما في دير صغير وغير هام.


تصوير الشيطان و مدينة السماوات






في الصفحة 289 من المخطوطة نرى صورة تمثل مدينة في السماوات وهي ممثلة بطبقات وكل طبقة فيها أبنية والعديد من الأبراج (تشبه أبراج الكنائس)وخلف الجدران الحمراء يظهر أيضاً المزيد من الأبراج . وهذه المدينة خالية الناس وترمز للأمل والخلاص على عكس تصوير الشيطان. صورة الشيطان هي الصورة الأكثر شهرة في المخطوطة وتقع في الصفحة 290 وتمتد على كاملها، وهي سبب تسمية الكتاب بكتاب الشيطان Devil's Bible ، يظهر الشيطان في تلك الصفحة وهو محاط ببرجين طويلين على غرار صورة مدينة السماوانت ولكن مع خلفية فارغة ، وتظهر الشيطان بمخالب في يديه ورجليه وبأربع أصابع في كل يد وكل قدم.ويلبس فرواً يغطي أسفل جسده، والفرو له صلة عادة بمظهر ملوكي وهذا يعتبر تأكيداً على دور الشيطان كأمير للظلام. غاية ذلك البورتريه تذكير المشاهد بالخطيئة والشر حيث وضعت الصورتان على نفس الورقة ولكن في صفحتين متقابلتين عن عمد بهدف إظهار التباين الشاسع بين منافع الحياة الخيرة وسلبيات الحياة الشريرة. وهاتين الصورتين هما الوحيدتان اللتان تمتدان على كامل الصفحة في المخطوطة.


تنويه هام للأخوة معتنقي الدين المسيحي
لا يجب أن يفهم من المقال المذكور أن تسمية "كتاب الشيطان" تدل على الكتاب المقدس بأية طريقة كانت أو أنه يسيئ لأي رموز دينية مسيحية، لم تشتهر تلك المخطوطات باسم "كتاب الشيطان" إلا بسبب وجود رسم يصور الشيطان فيها وليس لأي سبب آخر فهو مخطوطات قيمة تحوي العديد من المعارف ذلك الوقت الذي عرف بعصور الظلام في أوروبا، وموقعي لا يتناول أية مواضيع أو نقاشات دينية وسبب طرح هذا المقال هو الأسطورة التي تدور حول تلك المخطوطات وللعلم فأن هذا المقال صنف في باب "أساطير وخرافات"، والمصادر التي اعتمدت عليها موثقة من الكتبة الوطنية السويدية ورابط المصدر منشور في الأسف وهي من كتابات المسيحيين أنفسهم. وللأسف تلقيت تعليقاً متشنجاً يرد على هذا المقال ويحرض على الكراهية والعنصرية ضد رموز دينية إسلامية ولم يحوي أية موضوعية في طرحه. فنحن أخوة في حب الله الواحد سواء كنا مسلمين أو مسيحيين أو يهوداً. والمقال لا يتعدى كونه بحثاً تاريخياً يحكي عن أسطورة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق