الجمعة، 4 نوفمبر 2011



صفحات مطوية من حياة الزعيم عبد الكريم قاسم - علي العكيدي

شبكة البرلمان العراقي


في ذكري رحيل الزعيم قاسم، ووفاء لدوره العظيم في بناء الدولة العراقية الحديثة والتي اغتالتها الأيادي الاثمه.تقف أقلامنا اليوم إجلالا لهيبته، واعتزازا بدوره، وحبا لشخصه، دقائق من عمر الزمن لتبحث في أوراق الماضي عن كلمة صدق تسللت دون ان تراها عيون ـ البصاصين ـ وجملة مفيدة انتظمت في نسق الجمل وهي تلتفت تارة إلي الوراء وتارة إلي اليمين والشمال متخلصة من فيتو.

البداية
في مساء ليلة خريفية تسللت خيوط من برد وليد للتو الي اوصال هواء عليل هب علي بغداد، كانت محلة المهدية في جانب الرصافة علي موعد مع حدث كان طبيعيا جدا حينها، إلا انه اصبح بعد عقود من الزمن يشكل يوما خالدا في تاريخ العراق المعاصر، انه يوم الحادي والعشرين من تشرين الثاني عام 1914.
الأب - قاسم محمد البكر الزبيدي الام - كيفية حسن اليعقوبي
التسلسل في العائلة - الثالث والأخير من الذكور
وضع العائلة - عائلة فقيرة من الطبقة المتوسطة
شعر الراحل بمسؤوليته تجاه عائلته منذ الصغر لذلك كان يعمل مع أبيه في مزرعة عمه علي محمد البكر في الصويرة وهو ما يزال طفلا .
دخل مدرسة الصويرة الابتدائية حتي الصف الرابع الابتدائي حيث عاد بعد ذلك إلي بغداد مع عائلته مرة أخري ليدخل مدرسة الرصافة الابتدائية ويتخرج منها بتفوق عام 1927 بعدها دخل الثانوية المركزية في بغداد وتخرج منها بتفوق أيضا علي الرغم من مرضه الشديد الذي أقعده الفراش أياما وليال وبعد حصوله علي شهادة الدراسة الإعدادية الفرع الأدبي، قدم للتعيين كمعلم في وزارة المعارف حيث تم تعيينه معلما في مدرسة الشامية الابتدائية عام 1931، كان أسلوبه في التعيين ناجحا إذ كان يعطف علي التلاميذ الصغار الذين يأتون إلي المدرسة بملابس رثه ممزقه لكونهم أبناء فلاحين وفقراء الحال.
وعندما أعلن الجيش العراقي عن حاجته إلي ضباط، قدم أوراقه وتم قبوله في الكلية العسكرية بتاريخ 15/9/1932 وفي الكلية كان ملتزما وكان مثالا للعسكري الجيد الحريص علي إتمام واجبه بكل صدق حيث تخرج برتبة ملازم بتاريخ 15/4/ 1934، وفي الجيش استمر في التنقل بين الوحدات ودخل دورات عدة عسكرية وحركات فعلية نال فيها الدرجات العالية واستحسان قادته.وفي حرب فلسطين عام1948 اظهر أسلوبا قياديا جيدا وحصل علي كتاب شكر مرتين من قائد القوات العراقية في الأردن، أما الاوسمة والانواط التي حصل عليها فقد كانت كالآتي
1- نوط الخدمة الفعلية في 13/8/1935 لاشتراكه في حركات الفرات الاولي
2-نوط الشجاعة 1/10/1945 لاشتراكه في الحركات الفعلية في منطقة الزيبار
3 - وسام الرافدين من الدرجة الرابعة ومن النوع العسكري 30/4/1953 لشجاعته
4- نوط الحـــــــــرب والنصـــــــر 1951/9/9 لشجاعته
5- وسام الإنقاذ 1954 لشجاعته.
6 - نوط الشرطة للخدمة الممتازة 29/4/1957 لشجاعته
ومما تقدم يتين لنا بانه لم يمنح نفسه أي نوط او يمنحه مجلس الوزراء او مجلس السيادة أي نوط اثناء رئاسته لمجلس الوزراء للفترة من 14/تموز 1958 ولغاية استشهاده في شباط 1963 .

صورة صادقة
في كتابه - عبد الكريم قاسم رؤيه بعد العشرين - يتحدث السيد حسن العلوي عن الجانب الاجتماعي لحياة عبدالكريم الشخصية والعائليه كونه كان يسكن وعائلة عبدالكريم في ذات المحلة لذا جاءت معلوماته مباشرة وصادقه علي الرغم من كونه كان معاديا لعبد الكريم حينها اذ كان بعثيا وساهم مساهمة مباشرة في العمل السياسي ضده في مطلع الستينات.يصف الاستاذ العلوي دار عبدالكريم قاسم في قرية العباسية عام 1948 فيقول (كان مستأجر البيت الاول المطل علي الشارع رجلا في عقده الخامس يعتمر الكوفيه والعقال وقد وضع لوحة علي باب المنزل مكتوبا عليها بخط الرقعه بتوقيع الخطاط صبري، اسم المقدم الركن عبدالكريم قاسم، واخذنا العجب مرة ثالثه ان يعتمر المقدم الركن الكوفيه والعقال، ولم نكن نعلم ان عبدالكريم قاسم ضابطا يقود فوجا عراقيا في فلسطين اتخذ مقره في كفر قاسم، وان هذا الرجل هو شقيقه الاكبر حامد الا بعد ان جمعتنا الالفه مع اولاده عدنان وماجد وحسين والذين كانوا يتحدثون بإعجاب غزير عن عمهم وينتظرون عودته من فلسطين بعد ان خصصوا له غرفة الدرج التي تضم سريرا حديديا مع خزانة خشبية مزججه، امتلأت بما لايقل عن مئتي كتاب، وقد سمرت علي الجدران مشجبة ملابس تحتها جعبه للعصي العسكرية ) ثم يصف الاستاذ العلوي عبدالكريم قاسم قائلا : لم يكن عبدالكريم قاسم في بيته اجتماعيا ولم يكن سياسيا، كانت العسكرية عالمه كله، ولعل ذلك ساعده علي عدم كشف نواياه الثورية، كما ساعدته عزلته عن الناس وميله الي الحوار النفسي والعمل بنظرية المونولوج بدلا من الدايلوج، ويبدو ان الاشخاص الذين مارسوا النظرية الاولي ساهموا في صناعة التاريخ، بينما لم يستطع اصحاب النظرية الثانيه ان يصنعوا شيئا لا للتاريخ ولا لانفسهم.ثم يتحدث عن عائلة الزعيم الراحل فيقول كانت ام عبدالكريم وتدعي (كيفيه) تلتقي مع امي وخالتي وقد كانت في عقدها السابع، طويلة القامة، ممشوقه، مستديرة الوجه، وكان ولدها عبدالكريم قد خصص لها مبلغ ثلاثين دينارا شهريا الي جانب عشرة من حامد وخمسه من ولدها الاخر عبداللطيف والذي كان يعمل نائب ضابط ويسكن حي تل محمد في احدي الدور الفقيرة ولم يترك داره بعد ثورة 14 تموز، اما حامد فكان يعمل وسيطا للنقل النهري بين تجار الحبوب واصحاب الجنائب النهرية، ثم تاجرا وكانت حالته المادية جيده، ثم يقول وكان مبلغ 45 دينارا مبلغا كبيرا جدا بالنسبة لسيده ليس لها نفقات وهي تسكن مع ولديها مما منحها فرصة لترجمة مشاعرها الطيبة، ثم يواصل حديثه عن مواقف ام حامد فيقول (كان مدرسونا يطالبوننا بكتابة تقارير عن شخصيات تاريخيه او ادبيه وكنا نحتاج الي مصادر لم تكن متوفره في قريتنا انذاك.وكثيرا مااسررت ام حامد رغبتي باستعارة كتاب، لهذا الغرض من خزانة عبدالكريم، فتصطحبني الي غرفته لانتقي احد الكتب، وهي حافلة بكتب الجغرافية والتاريخ واللغه والادب مع مجموعة من الكتب الاجنبية، وكنت كلما فتحت كتابا وجدت الخطوط بالقلم وقد سودت مابين السطور، فاريها ذلك كي لاتتهمني بالعبث بالكتب فتولول قائلة هذه عادة عبد الكريم، وقد اثار انتباهي كثرة قراءاته النحوية، وكنت بعد ان اخذ مكانه في زعامة العراق وصرت صحفيا ومدرسا للغة العربية اتابع باهتمام جمله الاعرابية فاشعر بارتياح لانه لايلحن باللغة العربية فاعود بذاكرتي الي تلك الخطوط مرة اخري.

زواج الزعيم
كانت ام حامد وقد حملت هموما غير عاديه وهي تلتقي مع خالتي وامي في هذا الجانب وكانت تشارك في المآتم و التعزيات. وطبيعي ان تتحدث النساء عن زواج عبدالكريم المتأخر فكان جوابها ان عبدالكريم لايريد ان تحل واحدة مكاني. الا انها قالت مرة وبعد ان تقدم بابنها العمر انه سيتزوج بعد ان تنتهي (شغله براسه) ولم تكن، كما لم نكن نحن مؤهلين لتفسير تلك الشغله الا بعد سنوات ولعلها ماتت رحمها الله دون ان تعرف ماهي الشغلة. وتمر السنون ويعمل الزعيم بصمت علي اسعاد الناس وعن سنوات قيادته وانجازاته الرائعه يقول الاستاذ العلوي (هنا نقف امام النتائج التي خرج بها عبدالكريم قاسم، وكأنه يخرج الحق من خاصرة الباطل فالخط العريض يعبر الاهوار الي البصرة ومصانع التعليب تأخذ مكانها بين بساتين كربلاء.والاحذيه الشعبيه في ضواحي الكوفة وتظهر علي السماء طائرات الميغ المقاتلة وينتقل العراقيون بطائرات التريدنت السريعة ويسكن فلاحو اللطيفيه في قرية عصرية وتنهض في البياع مدينة سكنية تجــــــاورها مدينة العامل وتظهر مدينة المشتل كما تظهر القاهرة والصليخ الجديدة والقادسية واليرموك والضـــــــــباط والشعب وتمتد قناة الجيش ولم تظهر ازمة سمنت ولاعرف العراقيون عـــــــــزة للطابوق وكرامة للجص ولم يســـــتطع دلال البيوت ان يكون الحاكم المتحكم في رقاب المستأجرين. لم تحدث ازمة نقل وقد ارتفعت الدخول الفرديه بنسب مضاعفه، لم تتقطع الكهرباء وقد ارتفع معدل الاستهلاك اربعة اضعاف ولم يحدث ان غابت سلعة او اختفت لتظهر بضعف ثمنها. وقد اقيمت مدينة الطب وشقت قناة الجيش وربطت بغداد بكركوك والموصل والبصرة والنجــــــــف بالطـــــــــرق الحديثه ولم يظهر عامل كوري او مهندس فرنسي ولاعرفت شوارع بغداد جنسيات الشرق اسيوية). بقي ان نقول للتاريخ كلمة صدق قالها احدهم وكان شجاعا بقوله، فقد جاء في كتاب - اين الحقيقة في مصرع عبدالكريم قاسم - للاستاذ احمد فوزي وعلي لسان المقدم الركن هادي خماس قوله (للحقيقة والتاريخ اقول ان عبدالكريم قاسم كان عندما استسلم لنا - الحقيقة لم يستسلم بل تفاوض علي انهاء المعركة علي ان يحاكم بمحكمة عادلة - كان انيقا حليق الوجه غير مهتم بما يدور حوله يحمل في يده اليسري راديو ترانسستور، ويلوح بيده اليمني للجنود).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق