الاثنين، 31 أكتوبر 2011

لدنيا والآخرة في نظر المسلم وغير المسلم :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

الدنيا والآخرة في نظر المسلم وغير المسلم : 

إن الفرق بين المسلم وغيره أن المسلم ينظر إلى الدنيا على أنها وسيلة للآخرة فهو يعيش في الدنيا للآخرة , أما غير المسلم فهو يعيش في الدنيا للدنيا , فأمام المسلم سؤال خطير يضعه دوماً نُصب عينيه , لماذا أعيش ؟ ويأتيه الجواب الكافي الشافي من القرآن الكريم : (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )) . سورة الذاريات / الآية 44 
أما غير المسلم فقد وضع سؤالاً مغايراً أمام عينيه : كيف أعيش ؟ جُلّ غايته من حياته الدنيا , كيف ينعم ؟ كيف يرقى بعيشه إلى أسعد حال ؟ كيف يستغل كل دقيقة من وقته في الترفيه عن نفسه وإمتاعها بألوان المتع سواء أكانت من طريق حلال أم حرام , يجري لاهثاً وراء الملذات والشهوات إلى أقصى مدى وإلى أقصى حدّ , أما الآخرة فهو عنها غافل ولا تخطر له على بال , يأكل ويشرب ويتمتع كالأنعام , بل هو أضل سبيلاً . 
قال الله تعالى : (( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون * إن هم إلا كالأنعام * بل هم أضلّ سبيلا )) . سورة الفرقان / الآية 44 . 

وللأسف فإن من بين المسلمين من أهملوا أرواحهم , وعبدوا أجسادهم , فهم للجسد وحده يعملون , وحول بطونهم وفروجهم يدورون , ولسان حالهم الدائم قول القائل : 

إنما الدنيا طعام وشراب ومنام فإذا فاتك هذا فعلى الدنيا السلام

هولاء يعيشون في عمى وغفلة , لا يفيقون إلا بقارعة أو نازلة أو مصيبة تهز كيانهم , أو موعظة بليغة يشرح بها الله صدورهم , وإليك أخي القارىء حكاية رجل أسرف على نفسه , فجاءته موعظة أيقظته من غفلته , فقد روي أن رجلاً قال لإبراهيم بن أدهم : 
يا أبا إسحاق ، إني مُسرف على نفسي , فأعرض عليّ ما يكون لها زاجراً ومستنقذاً . 
قال : إن قبلت خمس خصال , وقدرت عليها لم تضرك معصية , ولن توبقك لذة . 
قال : هات يا أبا إسحاق .
قال : أما الأولى إذا أردت أن تعصي الله عزّ وجلّ فلا تأكل رزقه . 
قال : فمن أين آكل وكلّ ما في الأرض من رزقه . 
قال : يا هذا أيحسن بك أن تأكل من رزقهوتعصيه ؟ قال : هات الثانية . 
قال : إذا أردت أن تعصي الله فلا تسكن في مكان من أرضه . 
قال : هذه أعظم من الأولى , فالمشرق والمغرب وما بينهما له , فأين أسكن؟ 
قال : يا هذا أيحسن بك أن تأكل من رزقه وتسكن في أرضه وتعصيه ؟ 
قال : لا , هات الثالثة . 
قال : إذا أردت أن تعصي الله وأنت تأكل من رزقه وتسكن أرضه , فانظر موضعاً لا يراك فيه , فاعصهِ فيه . 
قال : يا إبراهيم , ما هذا , والله يطلع على ما في السرائر . 
قال : أيحسن بك أن تعصيه وهو يراك ويعلم ما تُجاهر به ؟ 
قال : لا , هات الرابعة . 
قال : فإذا جاءك ملك الموت , فقل له , أخّرني حتى أتوب وأعمل صالحاً . 
قال : لا يقبل مني ذلك .
قال : فإذا أنت لم تقدر أن تدفع عن نفسك الموت , وتعلم أنه إذا جاءك لم يكن له تأخير , فكيف ترجو وجه الخلاص ؟ 
قال : هات الخامسة . 
قال : إذا أتاك الزبانية يوم القيامة ليأخذوك إلى النار , فلا تذهب معهم . 
قال : إنهم لا يدعونني ولا يقبلون مني .
قال : فكيف ترجو النجاة إذن ؟ 
قال : يا إبراهيم , حسبي , حسبي , أنا أستغفر الله , وأتوب إليه , ولزم الطاعة والعبادة من ساعته . 

########################## 

جاء في أثر إلهي : -

(( ابن آدم , ما أنصفتني ,خيري إليك نازل , وشرّك إليّ صاعد , أتحبّب إليك بالنعم وأنا عنك غني , وتتبغّض إليّ بالمعاصي وأنت فقير إليّ , ولا يزال الملك يعرج إليّ منك بعمل قبيح )) . 

وفي أثر آخر :-

(( ما من يوم جديد إلا يأتيك من عندي رزق جديد , وتأتي عنك الملائكة بعمل قبيح , تأكل رزقي وتعصيني , وتدعوني فأستجب لك , وتسألني فأعطيك , وأنا أدعوك إلى جنتي فتأبى ذلك وما هذا من الإنصاف )) . مدارج السالكين : 1 / 464

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق