لماذا نهتم بالإعجاز العلمي ونترك الغرب يتطور؟
سؤال طالما كرره بعض العلماء والقراء: لماذا هذا الاهتمام بالإعجاز العلمي، أليس الأجدر بكم أن تستغلوا وقتكم في اكتشاف الحقائق العلمية وتطوروا أنفسكم علمياً وتقنياً، بدلاً من أن تنتظروا الغرب كلما اكتشف شيئاً جديداً تقولون إنه موجود في القرآن قبل 14 قرناً؟
إن الله عز وجل تعهد بأنه سيرينا آياته في الآفاق وفي الأنفس، بل وطلب منا أن نتفكر في آيات القرآن وآيات الكون، بل إن جميع الأنبياء استخدموا لغة الإعجاز العلمي في الدعوة إلى الله تعالى. ونتذكر أن جميع الأنبياء جاهدوا أقوامهم بلغة العلم، فسيدنا إبراهيم عليه السلام أقام الحجة على الملحد باستخدام حقيقة كونية وهي حقيقة طلوع الشمس من الشرق: (قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [البقرة: 258].
كذلك فإن سيدنا موسى عليه السلام خاطب فرعون بلغة العلم واستخدم حقيقة في علم الأرض والنبات: (قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى) [طه: 58]. وهنا يتحدث سيدنا موسى عليه السلام عن عدة حقائق علمية تعتبر من مواضيع الإعجاز العلمي: حقيقة تمهيد الأرض وجعلها صالحة للسكن، حقيقة وجود طرق (وهي السُّبُل) وهذه الميزة تنفرد بها الأرض عن بقية كواكب المجموعة الشمسية. كذلك تناول سيدنا موسى أهمية الماء للنبات وقضية الأزواج في عالم النبات وهي حقائق لم تعرف إلا حديثاً.
كذلك خاطب نوح قومه بلغة علم الفلك فاستخدم حقيقة السموات السبع وحقيقة أن الشمس سراج والقمر نور: (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا) [نوح: 15-16]. وهنا يتحدث سيدنا نوح عليه السلام عن حقائق كونية، منها السموات السبع، وهذه طبعاً لم يكتشفها العلماء اليوم، ولكن هناك إشارة لأهمية الرقم سبعة في الكون إذ أن كل ذرة من ذرات الكون تتألف من سبع طبقات!
كذلك تحدث نوح عن حقيقة أن الشمس مصباح تعمل كالسراج المضيء الملتهب، وحقيقة أن القمر نور، ونحن نعلم أن هذه الحقائق لم تكتشف إلا حديثاً.
وهذا هو سيدنا هود عليه السلام يتحدث عن أهمية الناصية في قيادة وتوجيه المخلوقات، والناصية هي أعلى ومقدمة الدماغ، وقد تبين علمياً أن الحيوانات تتمكن من التوجه وقيادة نفسها بواسطة الناصية، وهذا ما أشار إليه سيدنا هود، يقول تعالى: (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [هود: 56]. وانظروا كيف ربط بين الناصية والصراط المستقيم أي الطريق المستقيم، فإذا اختلت هذه المنطقة في الحيوان فقد قدرته على السير بخط مستقيم واضطرب ولم يعد قادراً على توجيه نفسه!
وهكذا فإننا نقتدي بهؤلاء الأنبياء في خطابنا لغير المسلمين فنخاطبهم بلغة العلم والحقائق العلمية، ونعرفهم على ديننا من خلال هذه المعجزات، فهذا أرقى أسلوب في خطاب الآخر، لأننا ينبغي أن نُظهر الصورة الصحيحة والمشرقة للإسلام.
ونذكّر بأن أكبر أنواع الجهاد في هذا العصر هو الجهاد بالقرآن، ويكون الجهاد بالقرآن من خلال نشر علومه، وقد منَّ الله علينا بمواضيع رائعة في الإعجاز العلمي وهي مناسبة لعصر العلم والتكنولوجيا الذي نعيشه اليوم، فهي تخاطب العقل والقلب، لأن الله تعالى أمرنا أن نجاهد الجهاد الكبير بقوله: (وجاهدهم به جهاداً كبيراً) قال ابن عباس: أي جاهدهم بالقرآن.
أما عن تطوير أنفسنا تقنياً فإن هذا أمر بسيط لا يكلفنا سوى أن نفتح عقولنا ونفكر! ولكن نريد نهضة علمية تقوم على الإيمان وليس على الإلحاد كما فعل الغرب، فوصل إلى قمة التكنولوجيا ولكنه في قمة التخلف الاجتماعي والأخلاقي. أي أننا نريد أن نبني علومنا على أساس من الإيمان بالله تعالى، والله هو المتصرف في هذا الكون والقادر على كل شيء.
ـــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق